الامتحان والترقية هما ثمن الجنة

أيها الإخوة الكرام ؛ إذا كانت هذه سُنَّة الحياالباطل يعادي الحق في كل الأزمانة عامة ، وفي الناس كافة ، فإن أصحاب الرسالات خاصة أشدُّ تعرضاً لنكبات الدُّنيا وويلاتها ، لماذا ؟ إنَّهم يدعون إلى الله ، فيحاربهم دعاة الطاغوت ، ينادون بالحق فيقاومهم أنصار الباطل ، يهدون إلى الخير فيعاديهم أنصار الشر ، يأمرون بالمعروف فيخاصمهم أهل المنكر ، هكذا طبيعة الحياة ، وهذه سنة الله في خلقه ، بهذا يحيا الأنبياء ، والدعاة الصادقون في دوامة من المحن ، وسلسلة من المؤامرات والفتن ، سنة الله في خلقه ، خلق آدم ومعه إبليس ، وخلق إبراهيم ومعه النمرود ، وخلق موسى وخلق فرعون ، وخلق محمداً صلى الله عليه وسلم وخلَق من حوله ؛ أبو جهل وأبو لهب ، هؤلاء الذين قاوموا دعوته ، وتآمروا على قتله وأخرجوه من مكة، ونكَّلوا بأصحابه ، وفعلوا كل شيء من أجل إطفاء دعوته هذه سنَّة الله في خلقه ، اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى :

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾

[سورة الأنعام الآية : 112]

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ﴾

[سورة الفرقان الآية : 31]

المحن تظهر صلابة المؤمن وهي ثمن الجنة
أليس الله قادراً أن يخلق محمداً وأحبابه ، محمداً وأصحابه في قارَّة وأن يخلق أعداءه في قارة ثانية ، وأن يكون بينهما حاجز متين ، هذا من قدرة الله عز و جل ، ولكن كيف يدفع الأنبياء الكرام والصحابة الأجلاء ثمن الجنَّة ، كيف يُمتحنون ، كيف يرقون عند الله ، عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

((مَنْ خَافَ أَدْلَجَ ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ))

[انفرد به الترمذي]

أيها الإخوة الكرام ؛ لولا هذه المحن لما دفع مؤمن ثمن الجنَّة ، ولولا هذه المحن لما ظهر صدق المؤمن ، من يمتحن مركبة في طريق نازلة ، من ؟ لا تُتمحن إلّا في طريق صاعدة .
هذا شأن الأنبياء والمرسلين ، وهذا شأن ورثتهم ، والسائرين على دربهم ، والداعين بدعوتهم.
عن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ :

((يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ : الْأَنْبِيَاءُ ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ))

[أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وابن ماجة وأحمد والدارمي]

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

 

 

.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s