الإنسان حينما ينظر إلى امرأةٍ ، ويعيد النظر ، هذه النظرة شبهها بعض الأطباء كالضغط على زناد السلاح ، ضُغِطَ على الزناد ، الآن ستجري مجموعة أعمال ، من هذه التبدلات سوف تنطلق هرمونات جنسية تجوب أنحاء الجسم ، هذه الهرمونات الجنسية تبدِّل ضربات القلب ، وتوسِّع الأوردة المُحيطية ، وتضيِّق الشرايين المتوسطة والصغيرة ، وترفع ضغط الدم ، هذه الهرمونات الجنسية تصل إلى البروستاتة ، فيغلق طريق البول ، ويفتح طريق الخصيتين ، وتنطلق مادةٌ مطهّرة ، ومادةٌ معطرة ، ومادةٌ مغذِّية هذا هو المذي ، ثم يجري في تبدلٌ في كيمياء الدم ، وهناك تغيرات لا مجال إلى ذكرها على هذا المنبر ، يعني حينما يطلق الإنسان بصره النظرة تلو النظرة ، تجري في جسمه تفاعلاتٌ معقدةٌ جداً ، أحدها تبدُّل ضربات القلب ، ثانيها ارتفاع الضغط
ثالثها توسع الأوردة المحيطية ، رابعها تضيّق الشرايين المتوسطة والصغيرة ، خامسها تبدل في كيمياء الدم ، سادسها شيء متعلق بالبروستاتة ، من أجل أن تتم هذه العملية ويتم اللقاء الزوجي ، ويحافَظ على النوع البشري ، هذا أصل التصميم .
إلى هنا الأمر طبيعي جداً .
أما حينما يطلق الإنسان بصره طول النهار، ما الذي يحصل ؟ قال : يحصل أن هناك هرمونات جنسية تجوب أنحاء الجسم باستمرار ، كمن يأكل باستمرار ، فالذي يطلق بصره باستمرار عنده هرموناتٌ تجوب أنحاء جسمه عبر الأوعية الدموية .
الآن يقول الله عزَّ وجل :
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾
[ سورة النور الآية : 30 ]
ماذا يفعل السهم المسموم في الجسم :
العلماء قالوا : أزكى أي أطهر ، ويمكن أن يكون المعنى أنفع وأطيب ، إما أن يكون أزكى لهم الطهر من الذنوب ، أو الوقاية من الأمراض والعيوب . فعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : قال عليه الصلاة والسلام :
(( النظرة سهمٌ مسموم من سهام إبليس ، من تركها من خوف الله تعالى، أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه ))
[ أخرجه الحاكم في مستدركه ]
وفي روايةٍ أخرى :
(( النظر سهمٌ مسمومٌ من سهام الشيطان ، من تركها مخافتي ، أعقبته عليها إيماناً يجد حلاوته في قلبه ))
أيها الإخوة ؛ السهم إذا دخل في الجسم خطرٌ جداً ، أما إذا كان مسموماً خطرٌ جداً ، فهذا السم يسري إلى كل أنحاء الجسم ، أما إذا كان سهماً فقط قد يتلف مكاناً معيَّناً ، أما حينما يكون السهم مسموماً يسري السم إلى كل أنحاء الجسم .
النبي قبل أربعة عشر قرناً عليه الصلاة والسلام بين مخاطر النظرة التي تتبع النظرة ، فالنظرة بمثابة ضغطٍ على الزناد ، الذي تبدأ بسببه سلسلةٌ من التفاعُلات ، والإفرازات الهرمونية الجنسية المعقدة ، التي لها تأثيراتها على كل عضوٍ بل على كل خلية ، والتي تهيئ الجسم لعملية الاتصال الجنسي ، لتؤدي مهمتها في استمرار النسل ، كل هذا يجب أن يتم في وقتٍ محددٍ ، أما إذا استمر انطلاق هذه الهرمونات في الجسم من دون تفريغٍ لهذه الشحنة ، هذه تؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرةٍ في الجسم .
د. محمد راتب النابلسي
.