أنظر لما بين يديك

2-drink-packaging

من التقاليد الشائعة في الجامعات الأجنبية أن يعود خريجوها  إليها بين الحين والآخر في لقاءات لم الشمل؛ ليتعرفوا على أحوال بعضهم من نجح وظيفياً ومن تزوج، ومن أنجب.. إلخ.

وفي إحدى تلك الجامعات التقى بعض المتخرجين في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة، وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي.

وبعد عبارات التحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر.

وغاب الأستاذ عنهم قليلاً ثم عاد يحمل إبريقاً كبيراً من القهوة ومعه أكواب من كل شكل ولون، أكواب صينية فاخرة؛ وأكواب ميلامين وأكواب زجاج عادي، وأكواب بلاستيك، وأكواب كريستال فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً، ومن ثم كانت باهظة الثمن، بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت.

قال الأستاذ لطلابه: تفضلوا ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة.

وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكاً بكوب تكلم الأستاذ مجدداً: هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم، وأنكم تجنبتم الأكواب العادية.

فمن الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل؛ وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر، ما كنتم بحاجة إليه فعلاً هو القهوة وليس الكوب، ولكنكم تهافتتم على الأكواب الجميلة الثمينة، وبعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين.

الحكمة من القصة:
لو كانت الحياة هي القهوة فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب، وهي مجرد أدوات تحوي الحياة ونوعية الحياة ” القهوة ” تبقى نفسها لا تتغير، وعندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة.

في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون فهناك نوع من الناس لا يحمد الله عز وجل على ما هو فيه مهما بلغ من نجاح؛ لأنه يراقب دائماً ما عند الآخرين؛ يتزوج امرأة جميلة ولكنه يظل معتقداً أن غيره تزوج امرأة أجمل من زوجته.

وآخر يجلس مع مجموعة في المطعم ويطلب لنفسه نوعاً معيناً من الطعام وبدلاً من الاستمتاع بما طلبه فإنه يظل مراقباً لأطباق الآخرين، ويقول: يا لتني طلبت ما طلبوه..

من العدل لنفسك أن تنظر لما حباك الله من منح دون الحاجة للنظر لما عند غيرك من النعم، فالمنعم هو أعدل العادلين.

المصدر: كتاب ” فن إدارة المواقف ”

 

 

.

الإعلان

رأي واحد حول “أنظر لما بين يديك

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s