مشاركة بواسطة: محمد فضل
مدون من مصر
“إنه عالم مجنون مجنون مجنون مجنون”… هذا التكرار ليس خطأ مطبعي بل هو عنوان لفيلم امريكي من ستينيات القرن الماضي، فلم أستطع سوى التفكير باسم هذا الفيلم الذي يصف ما تعتمل به نفسي تجاه هذا العالم بعدما قرأت خبراً يتحدث عن لعبة للهواتف الذكية تسمى Flappy Bird والتي تعني بالعربية “الطائر القفاز”. فالخبر يقول أن مطور هذه اللعبة يحصد يومياً ما يقرب من 50 ألف دولار من الإعلانات الملحقة باللعبة! هذا جميل (ربنا يزيد ويبارك)، ولكن بالطبع انتابني الفضول لتجربتها لأرى بنفسي اللعبة التي حصدت هذا الكم من عدد التنزيلات والذي تعدى ال 50 مليون تنزيل ليربح مطورها هذا الرقم الخيالي من الأرباح اليومية.
تخيل معي الآن، لعبة بحجم 894 كيلو بايت! وما الضرر؟ فما أكثر الألعاب التي تحتاج لتنزيل بعض البيانات الإضافية بعد انتهاء عملية التثبيت بنجاح. الصور غير مطمئنة، فهي ممتلئة بالبيكسلات الواضحة للعيان! ربما جودة الصور رديئة أو أن الإنترنت بطيء بعض الشيء فلم تتضح الصور بعد. وأخيراً محادثا نفسي ولائماً، كف عن تلك التدقيقات والشكوك؟ ابدأ تحميل اللعبة لترى بنفسك.. وبدأت!
لك أن تتوقع تعبيرات وجهي عندما بدأت اللعبة، فلا كان هناك تحميل لملفات اضافية ولا اختلفت الصور عن الحقيقة.. أحقاً هذه اللعبة هي ما جلبت لمطورها آلاف الدولارات؟! فلنبدأ بالفكرة، كما يوضح عنوان اللعبة فمهمتك هي جعل الطائر يحلق/يقفز في مستويات مختلفة عن طريق الضغط المتكرر بصورة معينة في أي مكان على الشاشة لتمر بين الأنابيب التي تواجهها ذوات الأطوال المختلفة قدر الإمكان حتى ترتطم بإحداها فتخسر وتعيد اللعب من البداية مرة أخرى، فقط. هذه هي اللعبة! والآن فلنتكلم عن التصميم (بيئة اللعب)، خلفية ثابتة لصورتين تتبدلان فيما بينهما عند بداية كل لعب، احداهما تمثل الليل والأخرى تمثل النهار، وأرض للسقوط عند الخسارة، وأنابيب خضراء مقتبسة من لعبة ماريو الشهيرة، والطائر الذي تتحكم به ولونه يتغير – بدون داعي – في بداية كل مرة للعب بين ثلاثة ألوان (الأحمر – البرتقالي – الأزرق). وأخيراً فحدث ولا حرج عن جودة الرسوميات في اللعبة، فتشعر وكأنك تلعب إحدى ألعاب الـ 8 bit القديمة (أيام الأتاري أبو دراعات) حيث البيكسل الواحد بحجم عقلة الأصبع، ولا ألوان جذابة ولا حتى طائر محبب الشكل.
إذاً ما الذي يدفع الناس لتنزيل هذه اللعبة وإن كانت مجانية؟ ما الذي يجعلهم يدمنوها بهذا الشكل ويقضون الساعات في لعبها إلى الحد الذي جعل رجل دين يقيم جلسة لطرد الأرواح الشريرة Exorcism من جسد ابن إحدى الأسر – والذي لم يعد يفعل شيء سوى قضاء الساعات يومياً للعبها – إيماناً من الأسرة بأن الشياطين وراء ادمان ابنهم لهذه اللعبة؟!
لقد كانوا يخبروننا بأنه لكي نصل للنجاح فعلينا الابتكار والإبداع، حتى وإن لم نمتلك الدعم المادي اللازم فالفكرة ستفرض نفسها، ولكن من الواضح اننا أيضاً في هذا العالم اضحينا لم نعد نحتاج الإبداع للنجاح، فأصبح النجاح غير ذي معايير واضحة للمولين شطره (على مزاج الجماهير).
وفي النهاية، ومن سخرية القدر، بعد تنزيلي للعبة بساعات معدودة غرد المطور على موقع تويتر بأنه ينوي حذف اللعبة من المتاجر الالكترونية وعدم اتاحتها للتنزيل مرة أخرى، وبدون إبداء أسباب، ألم أقل لكم.. إنه عالم مجنون مجنون مجنون مجنون!!
.