لا تؤجل دراسة اليوم إلى الغد!

لو هناك أمر يستحق أن أبدي ندمي عليه فهو تأجيلي لاستكمال دراستي العليا، كان من المفترض أن أقوم بهذه الخطوة منذ زمن طويل ولكنني في كل مرة أسَوّف وأوجل قبل أن أكتشف أن آخر عهدي بمقاعد الدراسة كان قبل 12 سنة (أكملت دراسة البكالوريوس  في بريطانيا عام 2001)

أحد اسباب هذا التأخير هو أنني لم أكن في البداية مقتنعا بأهمية الدراسة الأكاديمية مقارنة بالخبرة العملية والحياتية التي يجنيها الانسان مع تقدمه في العمر واحتكاكه بالناس، فكثير مما تعلمناه في المدرسة والجامعة لم نستفد منه في حياتنا العملية، مع أنني كنت متفوقا في مادتي الكيمياء والأحياء فأنا بالكاد أتذكر شيئا من المنهج الدراسي.

بلا شك الحصول على الشهادة أمر حميد، تخيل أنك تقدم نفسك لشخص ما بأنك الدكتور الفلاني أو لديك ماجستير في تخصص معين، هو نوع من البرستيج الجميل!

كنت أتبنى هذه القناعة حتى وقت قريب، وبالتحديد بعد التحاقي بعملي الاخير وذلك سعيا مني لتجاوز احباطات محطتي الوظيفية السابقة التي كانت خالية من الانجازات والعمل الفعلي، كان بإمكاني استغلال تلك الفترة في إنهاء دراسة الماجستير بكل يسر وسهولة ولكن قدر الله وما شاء فعل.

هذا التأخير كلفني كثيرا، فعلاوة على أن التكلفة المادية زادت كثيرا مقارنة بالسابق (تقريبا ٤٠٪)، فكثرة المشاغل والالتزامات العائلية صعَّب كثيرا من الموضوع، أيضا الاستيعاب والذاكرة تـأثرا سلبا وذلك ليس بسبب ضعف في القدرات العقلية كما يعتقد الكثيرون وإنما بسبب عدم الممارسة وانشغال الذهن والعقل بأمور أخرى كثيرة.

حضرت قبل فترة دورة تقوية الذاكرة مع الدكتور جمال الملا والتي بين من خلالها القدرات الهائلة للعقل البشري، بسبب جهلنا لهذه القدرات تكونت لدينا قناعات مغلوطة منها على سبيل المثال أن الذاكرة تضعف مع تقدم السن وكذلك الاستيعاب، ولكن تبين لي بعد ذلك عدم دقة هذه المعلومة وأكبر دليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وتدبره بعد سن الأربعين وكذلك  أغلب الصحابة رضوان الله عليهم.

تخيل نفسك رياضي محترف إلا أنك لسبب ما توقفت عن ممارسة الرياضة لفترة طويلة من الزمن قبل أن تعود لممارستها مجددا، من الطبيعي أن تعاني في بداية العودة قبل أن تستعيد لياقتك تدريجيا، كذلك هو العقل يحتاج إلى تمارين لكي تبقيه لائقا طول الوقت، وهذا بالضبط ما شعرت به عندما سجلت في أول مساق دراسي لي في الجامعة، أحسست بأني مشترك في ماراثون طويل إلا أنني متخلف في اخر الركب في حين بقية المتسابقين ينافسون على المراكز الأولى، هؤلاء هم الشباب صغار السن ممن أكملوا مشوار دراستهم مباشرة بعد الانتهاء من الحصول على البكالوريوس ولم ينقطعوا مثلي لفترات طويلة.

وبالرغم من أنني مازلت في أول الدرب فأعترف أنني وجدت في الدراسة الأكاديمية فوائد جمة على عكس ما كنت أتوقع، بعض المواد وجدتها ممتعة إلى حد ما حدا خصوصا تلك التي لها ارتباط مباشر بوظيفتي الحالية، مواد أخرى استثقلتها بالرغم من فائدتها مثل الاقتصاد Economy و المحاسبة Accounting فلست من الذين تستهويهم المعادلات والحسابات المعقدة!

أختم تدوينتي هذه بنصيحة لكل من يرغب بإكمال دراسته الجامعية، “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد” فمن يجد في نفسه الهمة والقدرة فليكمل مشوار الدراسة ولا ينتظر، فقد تكون الفرصة مواتية اليوم لكنها لن تكون كذلك غدا ،حدد هدفك بدقة واعمل لكي تحققه ولا تتأخر.

المصدر

 

.

أضف تعليق